قال الكاتب سامدار بيري إن رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي شن هجومًا علنيًا لاذعًا ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والقيادي في حماس خليل الحية، خلال ظهوره مع الرئيس الفيتنامي لوونج كوانج.
وأضاف في تحليل نشره موقع يديعوت أحرنوت أن السيسي اتهم إسرائيل بشن "حرب تجويع وإبادة" في غزة تهدف إلى "تصفية القضية الفلسطينية"، ودعا الرأي العام العالمي إلى "الاستيقاظ"، واصفًا الوضع في القطاع بالفوضوي كـ"سوق شعبي".
اتهم أيضًا حركة حماس، دون تسميتها مباشرة، بالكذب حين ألقت اللوم على مصر في الحصار المفروض على غزة. أوضح أن مصر ليست مسؤولة عن إغلاق المعابر، وقال إن 5 آلاف شاحنة جاهزة لعبور الحدود من الجانب المصري، لكن إسرائيل تتحكم في المعابر وتحدد توقيت دخولها.
خلال اتصال أجراه السيسي مؤخرًا مع رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف، قدّم اعتذاره بعد إقدام طالب مصري على إغلاق بوابة سفارة مصر في لاهاي احتجاجًا على إغلاق معبر رفح. أبلغ السيسي نظيره الهولندي أن مصر أسقطت مساعدات إنسانية من مروحيات باتجاه غزة، مؤكدًا أن كل المعابر البرية تقع تحت السيطرة الإسرائيلية.
تصاعدت التوترات بين القاهرة وقيادات حماس المقيمين في قطر، حيث اتهم خليل الحية مصر بتعميق الأزمة الإنسانية في غزة. وردّت مصر بإرسال رئيس هيئة الاستعلامات، ضياء رشوان، لإصدار بيان قوي اعتبر فيه تصريحات الحية استفزازًا، محذرًا من تأثيرها على جهود الوساطة.
رغم تاريخ مصر الطويل كوسيط إقليمي محوري، أشار مراقبون إلى تراجع دورها في مفاوضات وقف إطلاق النار، لصالح قطر التي باتت تتصدر المشهد. وتعيش العلاقة بين القاهرة والدوحة حالة من التوتر العميق، مع غياب الثقة والاحترام المتبادل بين الطرفين.
في الداخل، تصاعدت الانتقادات للسياسات المصرية تجاه غزة، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يجد المعارضون متنفسًا نادرًا في ظل تضييق الإعلام المحلي. المعارض المصري أيمن ساخر، المقيم في أوروبا، وصف السيسي بـ"الجبان"، داعيًا إياه إلى ركوب شاحنة مساعدات والتوجه بنفسه إلى غزة.
شهدت العلاقات بين السيسي ونتنياهو تدهورًا ملحوظًا، بعد سنوات من التنسيق الوثيق بينهما. كانت محادثاتهما تمتد إلى ساعات متأخرة، وتشمل قضايا إقليمية متعددة. لكن تغيرت المعادلة الجيوسياسية، وفقدت مصر موقعها كقوة مهيمنة في العالم العربي.
ثلاث تطورات رئيسية أضعفت موقف القاهرة مؤخرًا. أولًا، انسحب مستثمرون أجانب من مصر، مع انتقال رجال أعمال مصريين بارزين إلى دول الخليج، وتحويل أرصدتهم ومصالحهم إليها. ثانيًا، استحوذت السعودية على جزيرتي تيران وصنافير، واشترت قطاعًا ساحليًا في جنوب مصر، في حين اشترت أبوظبي حيًا كاملاً في ضواحي القاهرة.
ثالثًا، أدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى شلل في حركة السفن عبر قناة السويس، ما تسبب بخسائر مالية ضخمة لمصر. رغم التحديات، يواصل الإعلام الرسمي الترويج لإنجازات السيسي، لكن المعارضين يتساءلون: "أين الوعود؟ وإلى أين تتجه مصر؟"
رغم الوضع الاقتصادي المتردي، تستمر الحكومة في عقد صفقات تسليح ضخمة تشمل غواصات وأسلحة ثقيلة وخفيفة، ما يثير تساؤلات حول الأولويات. وتتركز هذه المعدات في قواعد داخل شبه جزيرة سيناء، ما يثير قلقًا إقليميًا.
علاوة على ذلك، فقدت مصر مكانتها لدى الولايات المتحدة، التي باتت تعتبر السعودية شريكها الأساسي في الشرق الأوسط، بدلًا من القاهرة. فيما وصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب السيسي بـ"الجنرال"، واتخذ موقفًا ساخرًا منه رغم محاولات القاهرة كسب ود واشنطن.
بات يُنظر إلى السيسي في الأوساط الأمريكية على أنه شخصية تقليدية غير قادرة على التكيف، وفقدت بلاده موقعها التاريخي كقوة دبلوماسية رائدة في العالم العربي.